حول المدينة

المدينة 01

بيتونيا، من المدن الفلسطينية القديمة التي تضرب جذورها عميقاً في التاريخ، وقد سكنها الكنعانيون في الألف الثانية قبل الميلاد، وشهدت كما باقي مدن فلسطين القديمة كل الحقب التاريخية التي مرت على المنطقة، ومرت عليها سنابك خيول الرومان واليونان والفرس والبيزنطيين وغيرهم من الغزاة والطامعين، حتى شهدت الفتح العربي الإسلامي في القرن السابع الميلادي.

تعتبر بيتونيا واحدة من قرى الكراسي، أو قرى المشايخ؛ وقد كانت تتمتع بيتونيا بنفوذ وصلاحيات كبيرة خاصة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في أواخر العهد العثماني، وكان على رأسها شيخ القرية وهو من عائلة عبد الله، حيث كان شيخ القرية يتولى جمع الضرائب من عدد من القرى المحيطة لحساب الدولة، مما زاد في غِنى عائلة الشيخ، وانعكس ذلك ببناء قصر كبير له، ذو طابع معماري دفاعي، كان يحاكي عمارة المدن الكبيرة.

وعندما وقعت فلسطين في قبضة الانتداب البريطاني عام 1917، دخل الجيش الإنجليزي منطقة بيتونيا، فاضطر معظم أهلها للنزوح مؤقتا إلى بلدة دير دبوان شرقي مدينة رام الله، إلا أن أهل البلد خاضوا مقاومة عنيفة ضد القوات الغازية، فاعتقل الجيش الإنجليزية عددا من أهل البلدة، منهم (أحمد عثمان، الشيخ شاكر ذياب، ووالده الشيخ ذياب صلاح) وتم نفيهم إلى مصر، وشاركت بيتونيا في ثورة 1936، وقدمت تضحيات كبيرة، وبرز حينها القائد المحلي (سعيد شقير)، واستشهد في تلك الثورة عدد من أبناء البلدة، منهم: (حسن الشلبي، يوسف الشيخ، كمال الحاج، إبراهيم شاهين، موسى هلال).

وفي سنة 1947، فرضت الأمم المتحدة قرار التقسيم رقم 181، فخرجت مظاهرات شعبية في بيتونيا ورام الله. أما في عام النكبة فقد خاضت بيتونيا مع بقية المدن نضالا ضد القوات الصهيونية، واستشهد من بيتونيا عدد من أبنائها، منهم: ( يوسف الغصين، عوض البيتوني، غازي صلاح).

وتعرضت بيتونيا لعدد من الكوارث الطبيعية، أهمها “الثلجة” عامي 1920، 1949 حيث دام تساقط الثلج أيام متوالية وزاد ارتفاعه عن المتر، فانقطعت البلدة عن العالم، وفي سنة 1927 تعرضت للزلزال، فتصدعت بعض البيوت القديمة، وفي سنة 1950 تعرضت لهجوم الجراد.

المدينة 06

تسمية المدينة

تعددت الروايات حول أصول تسمية المدينة؛ فقد ذكرت بعضها أن أصل التسمية جاء من الكلمة الرومانية (بيت انيا) وتعني (بيت الزهرة الجميلة)، وفي رواية ثانية أنها سُمّيت على اسم قديسة يونانية اسمها (اونيا) سكنت الموقع في قديم الزمن، وكان الناس يدلون على الموقع نسبة إلى بيتها.

وذكر “مصطفى مراد الدباغ” في كتابه بلادنا فلسطين أن التسمية لعلها تتألف من (بيت – ثونيا) بمعنى بيت الشخص المسمى (ثونيا) أو (طوني)، وأن الفرنجة (الصليبيين) سموها (بيتومين).

وكلمة بيتونيا تطلق على اسم زهرة برية جميلة، وهي من الأزهار الموسمية التي تكثر في فلسطين، وتأتي على طيف واسع من الألوان، وأحيانا تأتي موشحة بأكثر من لون، وتعيش هذه الزهرة من سنة إلى ثلاث سنوات، يبلغ ارتفاعها أقل من ثلاثين سم، وبعض أصنافها “مداد” بحيث يصل طولها بحدود نصف متر، وتزرع على شكل بذور، أو شتلات، وكثيرا ما نراها تزين الحدائق المنزلية. وقد احتلت هذه الزهرة الرائعة المرتبة الأولى ضمن قائمة الأزهار الأجمل والأكثر تداولا في أمريكا لأكثر من سنة.

 الموقع الجغرافي والمساحة

تقع بيتونيا بين القدس ورام الله، وبالتحديد شمال القدس، جنوب غربي رام الله، على بعد 4.5 كم غرب رام الله، وقد أكسبها موقعها الجغرافي مكانة متميزة؛ فهي البوابة إلى القدس من الناحية الشمالية الغربية، مما أهلها لأن تكون بمثابة الدرع الذي يحمي القدس، وهذا ما تبين عندما غزا الإنجليز فلسطين سنة 1917، حيث رابطت فرق الفرسان من الجيش التركي على جبال بيتونيا لمواجهة الجيش الإنجليزي.[8]

وتتبع بيتونيا إداريا لمحافظة رام الله والبيرة في الضفة الغربية، وتعتبر المدينة الثالثة في المحافظة من حيث الاتساع والأهمية، وترتفع عن سطح البحر حوالي 820 م، تبلغ مساحة أراضيها الكلية بحدود 24 كلم2، أو بالتحديد 23366 دونماً، منها 5000 دونم داخل حدود البلدية، و1750 دونماً مزروعة بالزيتون.

 وقد تطورت وتوسعت المنطقة الحضرية خارج البلدة القديمة، التي ما زالت تحتفظ بسماتها التاريخية والمعمارية الجميلة. وتحيط بها المناطق الخضراء، والمحميات الطبيعية، وبيتونيا اليوم متصلة البناء بمدينة رام الله وخاصة المنطقة الصناعية، وتتصل أحياؤها من الجهة الشرقية والشمالية بحدود مشتركة بطول (12كم)، مكونة وحدة جغرافية وحضرية واحدة. وتحيط بها مجموعة من القرى الفلسطينية من جهة الغرب والشمال والجنوب، وتعتمد عليها هذه القرى في المجال الاقتصادي والعمل والاتصالات، وتطل أحياؤها وجبالها على السواحل الشرقية للبحر المتوسط. بحيث يمكن رؤية البحر في أيام الصيف عندما تكون السماء صافية، وتنتشر أحياؤها على مجموعة تلال وجبال وأودية مشكلة منظر طبيعي متميز وبيئة نظيفة.

وتقع بيتونيا على مجموعة من الجبال والتلال المرتفعة، وبعضها مطلة على البحر، وأهم هذه التلال والأحياء: البطن الشرقي ووادي الدير، المنطار وبئر الشماس، عين ترفيديا وبطن حمزة، خلة الفقيه، الدورة ورأس يعقوب، البلد الشمالي، خلة الصخول، وعين صبيا، من الحارات المشهورة فيها حارة العجاجرة التي تقع في منطقة راس يعقوب بالقرب من البلدية، ومن أهم أحيائها الحديثة حي “الكروم الشمالية”، وهو حي جديد وذو عمارة تقليدية جديدة. وتتصل بيتونيا بقرى رافات، والجيب، وبيت دقو، والطيرة، وبيت عور الفوقا، وعين عريك.

حدودها: شمالاً: مدينة رام الله، وعين قينيا، جنوباً: قرى الجيب، بيت دقو، وأجزاء من الطيرة، شرقاً: مدينة رام الله، رافات، الجديدة، بير نبالا، غرباً: قرية عين عريك، بيت عور الفوقا.

مناخها: بارد ماطر شتاء، رياحها غربية متوسطة، ومعتدلة الحرارة صيفا، وربيعها أخضر، وهوائها نقي.

 المعالم الأثرية

تحتوي مدينة بيتونيا على عدد كبير من المواقع الأثرية المختلفة، سواء داخلها، أم في الوديان والتلال المحيطة بها، وتتنوع هذه المواقع بين عيون ماء، وقبور قديمة، ومُغُر، وخِرَب أثرية وغيرها من المواقع التي يمكن تصنيفها كمواقع أثرية، ومن هذه الأماكن: البلدة القديمة ويرجع تاريخ بناؤها للعصور الوسطى، وقد تهدمت وتصدعت أجزاء كبيرة منها بفعل الزلازل وعوامل الزمن، بيوتها من الطين وأزقتها ضيقة، وهناك موقع أثري يحتوي على بناء متهدم من القرون الوسطى، وفيه قوس (بِد البلد)، وعقد متهدم، وأرض مرصوفة بالفسيفساء، وبِرَك وصهاريج منقورة في الصخر، ومعصرة محفورة في الصخر، وبيت السطح، وأيضا بعض الأعمدة الرومانية التي تعود لفترة الحكم الروماني، وكذلك جامع القرية القديم، وتضم أيضا مزارات دينية يحترمها السكان، مثل مقام السيدة نفيسة ومقام أم الشيخ، ومقام أبو زيتون، والعديد من الخِرَب مثل خِربة بير الدوالي، وخِربة العراق، وخِربة عسقلان، وخِربة المحمة، وخِربة الميتة، وخِربة بيت سيلة، وخِربة اللتاتين.

وهناك بعض معاصر زيت الزيتون القديمة، وأقدم معصرة (بِد) تعود لدار حسن، وهناك أيضا الطاحونة، التي كانت تطحن القمح لأهل البلد، وهي مصنوعة من حجرين أسطوانيين.

المدينة 13 

مصادر المياه

تتوفر في المدينة شبكة مياه حديثة، وعلى الرغم من وجود العديد من الينابيع حول المدينة، وأهمها (عين جريوت)، إلا أن بيتونيا تُعرف بكثرة الآبار فيها، فمعظم المباني القديمة في البلدة تحتوي على بئر خاص لجمع مياه الأمطار، ومن اللافت للانتباه أن كثير من هذه الآبار بنيت أجزاء منها فوق الأرض.

وأشهر الآبار المعروفة:  بئر اليون، بئر السطح، بئر الغنم، بئر الخلاصات، بئر مغارة شاهين، بئر دار أبو حسين، بئر دار هريش، بِركة الجامع العمري، آبار القبة. أما العيون فأشهرها عين جريوت، عين ميتا، عين بلوطة، عين الجنان، عين الدريهمة، عين وادي النمل، عين عبد الله.

حقوق النشر محفوظة لبلدية بيتونيا 2015 it@beitunia.ps